دمشق، المدينة التي لا تنام دمشق: حسن سلمان كغيرها من المدن الكبيرة في هذا العالم، تبدو دمشق مدينة لا تعرف النوم، حيث يستطيع الزائر إليها، التبضّع في أي وقت يشاء، فالأسواق التجارية هنا لا تهدأ، والناس معتادون على هذا النمط المعيشي، بل إن بعضهم يفضل الخروج ليلا لشراء حاجاته، أو لارتياد أحد المقاهي، التي يقدم بعضها خدماته على مدار اليوم. ولا يبدو هذا الأمر غريبا على الدمشقيين، الذين أدمن بعضهم حياة الليل، وخاصة في فصل الصيف، حيث تفتح المطاعم والمقاهي أبوابها حتى ساعات الصباح الأولى. وتتميز مدينة دمشق بكثرة أسواقها وتنوعها، ويعود تاريخ بعض هذه الأسواق إلى فترة الحكم العثماني كسوق مدحت باشا وناظم باشا وتتركز معظمها في مدينة دمشق القديمة. غير أن نوعا جديدا من الأسواق نشأ مؤخرا في إحدى الأحياء الراقية بالعاصمة، وأطلق عليه سكان دمشق اسم "سوق التنابل" وتعني قليلو العمل. ويقع هذا النوع من الأسواق في بعض الأحياء الراقية كحي الشعلان والشيخ سعد ويحوي عددا كبيرا من محال بيع الفاكهة والخضار المُعدّة للطبخ (بقدونس مفروم-ثوم مقشر-ملوخية مقطعة.)، وعادة ما تقدم هذه الأسواق خدماتها على مدار اليوم. ويؤكد خالد الحوامدة (بقال) أن سبب نشوء هذا النوع من الأسواق يعود لضغط العمل وضيق الوقت لدى عدد كبير من الناس، مشيرا إلى أن أغلب زبائنه من الموظفين الذين لا يملكون الوقت الكافي لطهي الطعام. ويضيف "نحن نقدم الخضار طازجة وجاهزة للطبخ وبأسعار مقبولة، وبذلك نوفر الوقت والجهد على الزبون". وتزداد أعداد الزائرين لهذه الأسواق بشكل خاص في شهر رمضان المبارك بسبب ضيق الوقت المتاح لتجهيز الطعام، ورغم أن أصحاب محال الخضروات يعرضون منتجاتهم الجاهزة بأسعار مرتفعة قد تفوق السعر الأصلي بعدة أضعاف، لكنهم يبررون ذلك بأن أسعارهم مقبولة جدا قياسا بالجهد المبذول في إعداد الخضراوات للطهو، كما أنها تتناسب مع طبيعة الحي "الراقي" المتواجدة فيه. وربما لا يفوّت الزائر إلى دمشق فرصة الذهاب إلى سوق الصالحية باعتباره الشارع الوحيد الخالي من السيارات والمليء بالمحال التجارية المختصة ببيع الألبسة (القطنية بشكل خاص)، وربما يعرّج يسارا إلى شارع الحمرا الذي يعد قبلة للسائحين حيث يقصده يوميا آلاف الأشخاص لزيارة وكالات الألبسة والأحذية المنتشرة بكثافة هناك، فيما يجهد أصحاب المحال باستدراج الزبائن بلطافة معهودة لدى الدمشقيين. كما تحوي مدينة دمشق عددا كبيرا من المقاهي العريقة التي يعود تاريخ إنشاء معظمها إلى القرن التاسع عشر، ويطل أغلبها على الشوارع الرئيسية والأسواق الشعبية القديمة. وشهدت معظم هذه المقاهي أحداثا هامة، حيث تشكل فيها العديد من الأحزاب والمنتديات الفكرية والسياسية، كما دونت في فسحاتها الكثير من قصائد الغزل، فيما شكل تراثها المعماري مادة خصبة للكثير من الفنانين. ورغم أن أغلب المقاهي الدمشقية اختفت الآن بسبب التوسع العمراني للمدينة، ما اضطر عددا كبيرا من الأدباء والمثقفين ورجال السياسة إلى البحث عن متنفس آخر متنقلين بين كافتيريات الفنادق الكبيرة ومطاعم الدرجة الثانية، غير أن بعض المقاهي استمرت في العمل حتى اليوم محافظة على طابعها المعماري النادر كمقهى النوفرة الذي يتوسط عددا من المنازل التراثية الجميلة في منطقة دمشق القديمة. كما أن هناك مقاهٍ مازالت قائمة وسط المباني والمتاجر الحديثة، حيث حاول بعضها تجديد طابعه المعماري لينسجم مع الحداثة، محتفظا بهويته التراثية الأصيلة كمقهى الروضة الذي يقع في شارع العابد قريبا من البرلمان السوري، حيث تكثر محال الألبسة والمكتبات ومطاعم الوجبات السريعة، ومقهى الهافانا الذي شكل مكانا خصبا لكبار الأدباء والمفكرين السوريين والعرب أمثال هاني الراهب ومحمد الماغوط وزكي الأرسوزي ومظفر النواب وغيرهم. ولا يقتصر العمل الليلي في دمشق على النشاط التجاري والمعيشي، فهناك عشرات المشافي والصيدليات، التي لا تغلق أبوابها في مدينة دمشق، وعادة ما يتسم عملها بطابع إنساني لا يخلو من المخاطر كما يقول الصيدلاني بشار الجمال الذي يؤكد صعوبة العمل الليلي، بسبب قلة الزائرين، ولجود عدد كبير من الصيدليات لوضع أجهزة مراقبة تلافيا للسرقات التي قد تحصل بين الفينة والأخرى. ويبدو هذا النمط المعيشي، رغم إيجابياته، لا يخلو من بعض السلبيات التي تتمثل بفقدان التواصل الأسري والاجتماعي، إضافة إلى بعض الآثار الصحية والنفسية، كما يؤكد الباحث الاجتماعي الدكتور طلال مصطفى. ويضيف: "هذه الظاهرة نلاحظها كثيرا في عالمنا العربي وخاصة في المدن الكبيرة كالقاهرة ودمشق، ربما بسبب متغيرات عديدة، منها تركز بعض الوظائف التي تحتاج للعمل الليلي، إضافة إلى بعض الخدمات التي يحتاجها المواطنون وخاصة الخدمات الصحية كالمشافي والصيدليات، وأيضا المقاهي والمطاعم وخاصة في الموسم السياحي، حيث يجد البعض فيها ملاذا لقضاء الليل كاملا، وربما قد تكون ملاذا لتمضية الوقت للقادمين من المدن السورية الأخرى." غير أن مصطفى يرى أن ثمة آثارا سلبية لبعض المهن التي تحتاج من العاملين فيها الدوام الليلي، تتمثل في الآثار السلبية على الحالة النفسية والاجتماعية وإمكانية التواصل مع أفراد الأسرة، لكنه يشير إلى أن بعض المؤسسات أوجدت حلا لهذه المشكلة من خلال المناوبات أو "الورديات" الليلية التي تتيح للعاملين التواصل مع أسرهم ومتابعة حياتهم الاجتماعية.
الخميس، 21 يناير 2010
عام ولكن...
ألوان الأعمال
![]() الاتفاق النووي بين إيران والغرب: المستثمرون يتحسرون على الفرص الضائعة الاتفاق النووي المبدئي بين إيران والدول الغربية يفتح شهية المستثمرين الذين بدأوا بدراسة حجم الإمكانات والفرص الاقتصادية التي تم عزلها لمدة ثلاثة عقود نتيجة التوترات بين طهران والغرب. |
مال وأعمال
![]() قلق أميركي من تعاظم النفوذ الاقتصادي للصين وزير الدفاع الأميركي يدعو الكونغرس للموافقة على قانون سلطة التجارة الرئاسية لإبرام اتفاق تجاري يشمل دولا في منطقة آسيا والمحيط الهادي. |
سلايد3
سلايد 6
كوكتيل
كيف يصبح الرجل مومسا ؟!
إرتبط مفهوم العهر بالنساء إذ حمل المجتمع قيمه الأخلاقية ومضامينه على جسد المرأة فإن خرجت على ال…
12 أبريل 2015undefined2015 : حضور لافت للمثليين بتونس
تعتبر المثلية إحدى الهواجس الجنسية المسكوت عنها في المجتمعات ذات الغالبية المسلمة فهذا الموضوع …
12 أبريل 2015undefinedإنتحار الأطفال بتونس يفضح حيف الدولة
عمل المشرّع التونسي على صون حقوق الأطفال وحمايتهم من العنف والإستغلال ويعتبر المشرّع التونسي من…
12 أبريل 2015undefinedوالـــــــــرجل أيضا ضحية
يقول لوركا : ” ما الإنسان دون حرية يا ماريانا ؟ .. قولي لي كيف يمكن أن أهبك قلبي إن لم يكن ملك…
14 مارس 2015undefinedأسطورة حمّام الذهب : بين الماضي والحاضر
يرتبط فضاء الحمّام في الذاكرة الشعبية بكثير من الأساطير ومنها أسطورة حمّام الذهب بنهج الذهب بالمدي…
14 مارس 2015undefinedظاهرة الإلحاد في العالم العربي : موضة أو موقف ؟؟
أصبح الحديث عن الإلحاد في السنوات الأخيرة بشكل علني وصل إى حدّ إستضافة بعض الملحدين في بلاتوهات ال…
14 مارس 2015undefinedالمسيحيون العرب أحياء باقون رغم القتل والإرهاب !
تعتبر الثقافة العربية الإسلامية عنصرا هاما من بين عناصر هوية العديد من الشعوب في العالم العربي فهي…
14 مارس 2015undefinedالإرهاب لا زمن له : حين ترث داعش إرهاب الحجاج
عرف التاريخ العربي الإسلامي أبشع الجلادين الذين ساهموا في إضفاء الرعب على الدولة الإسلامية ومن أشه…
15 فبراير 2015undefinedأبو بكر الصدّيق مجرم حرب ؟!
يعتبر التعذيب أحد أشكال القمع الإجتماعي وتسلط طبقة على طبقة دون منها مستوى سواء لمصالح إقتصادية أو…
06 فبراير 2015undefinedياسين العيّاري… وقتلت حرية التعبير من جديد في تونس
تعتبر حرية التعبير أهمّ مكسب في تونس بعد 14 جانفي لم يحدث أن سجن ناشط عقابا على رأيه الشخصي في الر…
06 فبراير 2015undefinedأبو ذر الغفاري إشتراكي في زمن الإقطاع
بدأت الدعوة الإسلامية في بدايتها قبل فتح مكة بنشر شعارات المساواة والعدل بين سادة قريش ومستضعفيها …
06 فبراير 2015undefined

0 التعليقات:
إرسال تعليق